النص السماعي بطل الشاطئ pdf

العلية: الدافية، فتح عليه المُنْعَبَتَيْنِ، فَفَزِعَ لِما رَآهُ مِنْ حَوْلِه.. كانَ الشَّاطِيُّ يَغُصُّ بِالْأَوْرَاقِ الْمُمَزَّقَةِ، وَالْأكواب البلاستيكية الفارغةِ، وَالْأَطْباقِ الْمُتَّخَةِ، وَبَقَايَا مِنَ الطَّعَامِ شَعَرَ الكيس بالأم يعلي في عُروقِهِ، وَنَارَ عَاضِاً، ثُمَّ أَخَذَ يَصْرُحُ، وَيَقُولُ: يا إلهي ! يا لَقَسْوَةِ هَؤُلَاءِ النَّاسِ لَقَدْ حَمَلْتُ لَهُمْ بِنَفْسي كُلَّ ما يَشْتَهُونَ مِنْ حاجاتٍ، وَحَرَضْتُ عَلَى أَلَّا يَضِيعَ شَيْءٌ مِنْهَا، وَكُتُتُ لَهُمْ عَوْناً عَلى حَمْلٍ مُشْتَرَياتِهِمْ، وَهَاهُمْ يُلْقُونَ بي عَلَى رِمَالِ هَذَا الشَّاطِي..! وَفَجْأَة سَمِعَ الكيس صَوْتاً خافتاً أَضْناهُ التَّعْبُ.. إنَّها عَلبَةُ عَصيرِ جَائَةِ الْجَوْفِ، تَجُرُّ جَسَدَهَا الْمُرْهَقَ فَوقَ الرِّمَالِ، وَتَتَّجِهُ نَحْوَ الْبَحْرِ لِتَعْتَمِل.. اقْتَرَبَ الكيس مِنَ الْعُلْبَةِ، وَهُوَ يَرْنِي لِحالِهَا، وَيَقُولُ: ما الذي أصابك أَيَّتُهَا الْعُلْبَةُ الصَّغيرَةُ الْمِسْكِينَةُ ؟! أجابت ال

ارْتَمَى الْكيسُ الْوَرَقِيَّ شَاحِبَ الْوَجْهِ عَلى رِمَالِ الشَّاطِي، وَأَخَذَ يَسْتَمِعُ إِلى أَصْراتِ الْأَمْوَاجِ الْغَاضِبَةِ، وَهِيَ تَتَسَابَقُ لِتَلْتَظِمَ بِالصُّخور السوداء الصَّامِيةِ.. غَلَبَهُ النُّعاسُ، وَغَطَّ في نوم عميقٍ، وَعِندَما داعَبَتِ الشَّمْسُ وَجْتَيهِ الْمُتَّسِخَتَينِ بِأَشِعْتِهَا

لَقَدْ شَرِبَ ذَلِكَ الطِّفْلُ كُلَّ ما في جَوْفِي مِنْ عَصير لذيذ، ثُمَّ ألقى بِي عَلَى الْأَرْضِ، وَلَمْ يَأْبَهُ لِحالي..! أحمل الكيم ديد؛ فَالْعَليَةُ لَيْسَتْ وَحْدَها في هذه المأساة..! وَلَكِنْ، كَيْفَ لَهُ أن يُساعِدَها وَقَدْ أَصَابَهُ ما أَصابَها ؟! نظر الكيم الشاطي التلوث والحزن يَعْصِرُ قَلْبَهُ القمامة في كُلِّ مَكان ..! أَيْنَ تِلْكَ الرِّمالُ الذَّهَبِيَّةُ الْبَرَاقَةُ الَّتِي كانَتْ تَغْتَسِلُ بِمَاءِ الْبَحْرِ صَباحاً وَمَساءً؟! وَأَيْنَ طُيور النورس الجميلة التي كانَتْ تَجُوبُ الشَّاطِ، وَتُضْفِي عَلَيْهِ بَهْجَةٌ التسم الكوبُ بِمَرَارَةِ، وَقَالَ: لا .. هِيَ لَيْسَتْ عَاضِبَةً لِأَنَّهَا مُثْبَتَةٌ إِلَى الْعَمودِ.... الفَجَرَتِ السَّلَّةُ، وَقَالَتْ: ما بَالُكَ أَيُّهَا الْكِيسُ ؟ أَلَمْ تَنْهَمْ بَعْدُ سَبَبَ غَضَي ؟ لَقَدْ تَرَكَنِي النَّاسُ حَاوِيَةٌ، وَبَعْثَرُوا مُخَلَّفَاتِهِمْ عَلَى الْأَرْضِ ؟! أَلَا

وَجَمالاً؟! وَأَيْنَ زُرْقَةٌ أَمْواجِ الْبَحْرِ، وَمَا كَانَتْ تَتَمَيَّزُ بِهِ مِنْ صَفَاءٍ ؟؟! وَبَعْدَ قَليلٍ، وَقَعَ بَصَرُ الْكِيسِ عَلَى مَلَّةِ مُهْمَلَاتٍ كَبِيرَةٍ خَضْراء اللَّوْنِ، جَمِيلَةِ الْمَنْظَرِ .. بَدَتِ السَّنَّةُ لِلكيس غَاضِبَةً فَهَمس في أذن كوب بلاستيكي مَكْسورٍ كَانَ بِجانبها : هلِ السَّلةُ عَاضِبَةٌ؛ لِأَنَّهَا مَرْبوطَةٌ إِلَى الْعَمودِ؟!

يُغْضِبُكَ هَذا الحال ؟! وَفَجْأَهُ، ارْتَفَعَتْ مَوْجَةٌ كَبِيرَةً عَالِيَةٌ، وَهِيَ تَحْمِلُ مُخَلَّمَاتٍ كَانَتْ في قَعْرِ الْبَحْرِ، وَأَلْقَتْ بِهَا عَلَى الشَّاطِي.. وَقَفَ الْجَمِيعُ

يَنظُرُونَ بِدَعْشَةٍ إِلَى الْوَافِدِينَ الْجُدَدِ مِنْ قسامات الْإِنْسانِ، وَعُيونُهُمْ مَعْلُومَةٌ بِالْحُزْنِ. قَالَ الْكِيسُ الْوَرَقِيُّ:

إنَّهُ لأَمْرُ مُحْزِنُ أَن يُلوّثَ الْإِنْسَانُ الْمَكانَ الذي يعيش فيهِ، وَيُشَوَّة جَمالَ طَبِيعَتِهِ الْفَاتِنَةِ..!! وَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ في حُزْنٍ وَشَكُوى، إِذا بِطِفْلِ صَغيرِ يَحْمِلُ في يَدِهِ كوباً بلاستيكياً فارِغا، يَتَوَجَّهُ نَحْوَ مَلَّةِ الْمُهْمَلَاتِ، وَيَضَعُهُ داخِلَها برفق، ثُمَّ يَنْطَلِقُ مِنْ جَدِيدٍ نَحْوَ رِ فَاتِهِ حَيْثُ عَنْهُمْ عَلى تنظيف مكان لَعِبِهِمْ، لِيُمَارِ سُوا رِيَاضَتْهُمُ الْمُفَضَّلَة: كرة القدم.

ابتسمت الثلةُ الخَضْراء، وقالت: شكراً لَكَ أَيُّها الصغيرُ، أَلتَ نِعْمَ الْمُواطِنُ الصّالِحُ، لَيْتَ جَميعَ النَّاسِ يَقْتَدُونَ بِسُلوكك الرائع..! ومَا هِيَ إِلَّا لَحَاتُ، حَتَّى الْبَحْقِّ بَعْضُ المُتطوعين بالأطفال الصغار لأجل تنظيف الشَّاطِي مِنْ كُلِّ مَا لَحِقِّ بِهِ مِنْ تلوث... بِحَيْثُ تَقَلُوا الْأَكْياسَ وَالْقارورات؛ وباقي الْمُخَلَّنَاتِ إِلى أَمَاكِي وَضْعِ الْغُمَامَةِ؛ لِتَعْرِفَ، بَعْدَ ذَلِكَ، طَرِيقَهَا إِلَى مصانع إعادة تدوير النفايات ....

المحمل الكيس والحوثهُ بِالْماءِ العَابِ النظيف، واستعادوا ألوانهُمُ الْبَراقَةَ لَقَدْ نَجحَ بَطَلُ الشَّاطِي، بِتَصَرُّفِهِ النَّبيل، في لفتِ النِياءِ الزَّوَارِه لأجل تنظيف الْمَكانِ، وَاسْتِعَادَةِ جَمالِ الطَّبِيعَةِ الْخَلَابِ.

قصة بطل الشاطي لزينب بيكو، وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع الإمارات العربية المتحدة، الطبعة الأولى: 2015 (بتصرف)