الذكاء الاصطناعي يهدد مستقبل الوظائف في المغرب


يرى عبد الله طهري، دكتور باحث فِي الرياضيات والذكاء الاصطناعي، أن تأثير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي يختلف من اقتصاد إِلَى آخر، مشددا عَلَى أن متطلبات الأتمتة فِي الاقتصادات الخدماتية بالولايات المتحدة وبريطانيا مختلفة كَثِيرًا عَنْ نظيرتها فِي الاقتصادات الصناعية الكبرى مثل ألمانيا واليابان.

وَأَضَافَ الباحث ذاته، ضمن مقال توصلت بِهِ موقع متمدرس معنون بـ”الذكاء الاصطناعي.. هل هُوَ تهديد حقيقي عَلَى مستقبل الوظائف بالمغرب؟”، أَنَّهُ اعتمادا عَلَى الأرقام والإحصاءات، فإننا أَمَامَ ثورة مهمة فِي استبدال الوظائف. حَتَّى فِي الاقتصادات الصغرى كالمغرب، متوقعا استبدال ثلث الوظائف بالمغرب فِي السنوات القليلة القادمة.

وَشَدَّدَ طهري عَلَى أن وتيرة التحول الآلي بالمغرب فِي جل القطاعات ستكون أبطأ قليلا مقارنة بنظيرتها فِي الاقتصادات المتقدمة، مبرزا أن هَذَا المعطى لَا يَعْنِي أننا محصنون من تأثير الذكاء الاصطناعي، لكن يمكن القول إن العاصفة ستصل إلينا متأخرة قليلا.

وهذا نص المقال:

ودع العالم عام 2022 بِأَكْبَرِ ثورة فِي مجال التكنولوجيا فِي التَارِيخ المعاصر. الحديث هُنَا عَنْ “تشات جي بي تي” (ChatGPT)، وَهُوَ روبوت دردشة تمَّ تطويره مِنْ طَرَفِ شركة “أوبن إيه آي” (OpenAI) يَعْتَمِدُ عَلَى تقنيات التعلم العميق (Deep Learning)، وَهِيَ تقنيات تعتمد بدورها عَلَى مبدأ تعلم الآلة (Machine Learning). هَذَا التعلم يتم عبر معالجة قواعد بيانات هائلة (Big Data)، لتنتج فِي الأَخِير نصوصا ومقالات متنوعة كالتي يكتبها البشر. فِي الحقيقة، الكتابات المستخرجة من هَذَا الروبوت تفتقر غَالِبًا إِلَى لمحات الإبداع، لذا يمكن وصفها بكتابات أكاديمية جافة ليست بتلك الجودة فِي التحليل والتناسق. لكن قبل حوالي 18 سنة تقريبا، جميع الدراسات العلمية أَكَّدَتْ أن الذكاء الاصطناعي لَنْ يكون بمقدوره فهم واستيعاب لغة البشر ليتواصل مَعَهم، وَالبِتَّالِي أقل مَا يمكن القول الآن إن “تشات جي بي تي” (ChatGPT) ضرب جميع تِلْكَ الدراسات عرض الحائط، ليثبت بامتياز أن الآلة بإمكانها التفاعل بِشَكْل خارق مَعَ خطابات البشر.

فِي يناير 2023، سرح العملاق الأمريكي للتجارة عبر الإنترنيت أمازون (Amazon) حوالي 18 ألف عامل فِي مختلف القطاعات، فِي حين يضيف حوالي ألف روبوت يوميا لتعويض قوته العاملة. فما مَدَى تأثير الذكاء الاصطناعي عَلَى الوظائف بالمغرب؟ وكيف سيكون سوق الشغل فِي ظل ثورة الذكاء الاصطناعي؟ وما هِيَ أهَمُ الوظائف المعرضة للخطر؟ وكيف يَجِبُ أن نستعد لِهَذِهِ الثورة كدولة وكأشخاص؟

سيكون من الصعب سياقة تحليل دقيق عَنْ الوضعية بالمغرب نظرا لِغِيَابِ المُعْطَيات والدراسات اللازمة، لكن يمكن الاعتماد بطبيعة الحال عَلَى الدراسات الغربية. فانعكاس أي أزمة أَوْ ثورة عَلَى الوضعية الاقتصادية بالمغرب مَا هُوَ إلَّا امتداد لما يحصل مَعَ الاقتصادات المتقدمة كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لوجود ارتباط وثيق مَعَهَا.

لدراسة تأثير هَذِهِ الثورة عَلَى مستقبل الوظائف بصفة عامة نجد أن هُنَاكَ تيارين رئيسين يقودان هاته المناقشة. فريق التقنيين بنظرته المتشائمة للمستقبل، إِذْ يعتبر أن الذكاء الاصطناعي والروبوتات سيأخذان جل الوظائف، مِمَّا سيرفع من نسبة العاطلين اللَّذِينَ سيكونون غير قابلين للتوظيف نظرا لبعد خبراتهم وتكويناتهم عَنْ متطلبات سوق الشغل المتغير. وحقيقة أن تأثير هَذِهِ الموجة سيمتد إِلَى وظائف العاملين فِي المكاتب (أطباء ومهندسين…) وَلَنْ يقتصر عَلَى وظائف العمالة (عمال المصانع) كالموجات السابقة، من جهة. وَمِنْ جهة أُخْرَى، نجد فريق علماء الاقتصاد بنظرته المتفائلة والهادئة، إِذْ يبرر هَذَا الهدوء بأنها ليست المرة الأُوْلَى الَّتِي نشهد فِيهَا مثل هَذِهِ التهديدات. فحسب دراسة نشرت فِي دجنبر 2017 مِنْ طَرَفِ المؤسسة العالمية للاستشارات الاستراتيجية ماكنزي (McKinsey)، فَإِنَّهُ فِي المدة بَيْنَ 1980 و2015 تمَّ محو حوالي 3,5 ملايين وظيفة (محاسبين، سكرتارية…) فِي الولايات المتحدة كتأثير مباشر لظهور تكنولوجيا الحواسيب. فِي الجانب المقابل، هَذِهِ التكنولوجيا نفسها خلقت أكثر من 19 مليون وظيفة جديدة فِي الولايات المتحدة، جلها وظائف مرتبطة بصناعة الحواسيب وتطوير التطبيقات والتجارة الإِِلِكْترُونِيَّة. أي أَنَّهَا أنشأت عالما متكاملا يشمل صناعة وتطوير الشاشات والرقائق والمعالجات…

الهدف الرئيسي مِنْ أَيِّ تكنولوجيا هُوَ زيادة الإنتاجية، مِمَّا يَعْنِي فرصة للتوسع، وَالبِتَّالِي خلق مناصب شغل جديدة. زيادة الإنتاجية تعني أيضًا الرفع من الأجور وخفض تكلفة السلع، أي قدرة شرائية أكبر، وَالبِتَّالِي دورات إنتاج جديدة وَكُل ذَلِكَ بأوقات عمل أقل، حَيْتُ انخفض معدل ساعات العمل الأسبوعي بنسبة 50 بالمئة مقارنة ببداية القرن العشرين، وَخَاصَّةً فِي الاقتصادات المتقدمة (ألمانيا، كندا، بريطانيا…).

للوقوف عَلَى مَدَى تأثير الأتمتة والذكاء الاصطناعي عَلَى مستقبل الوظائف بصفة عامة، سنأخذ مجال الأعمال الخاص بصناعة الأفلام وألعاب الفيديو كمثال، فَفِي سنة 1985 تأسست الشركة الأمريكية بلوكباستر (Blockbuster) لخدمات تأجير الأفلام وألعاب الفيديو لِتَصِلَ إِلَى قمة نجاحها فِي سنة 2004، فِي هَذِهِ السنة كَانَت توظف أكثر من 84 ألف شخص موزعين عَلَى 9 آلاف متجر حول العالم، لتحقق أعلى إيرادات لَهَا، كَانَت حوالي 6 مليارات دولار. لكن للأسف الشركة أَعْلَنَتْ الإفلاس سنة 2010 بَعْدَمَا فشلت فِي التأقلم مَعَ متغيرات السوق وظهور بدائل ومنافسين. فِي المقابل، وَفِي سنة 2022، حقق العملاق الأمريكي للبث والأفلام نتفليكس (Netflix) إيرادات بحوالي 31 مليار دولار وبعدد موظفين أقل (حوالي 13 ألف موظف)، مِمَّا يَعْنِي إيرادات خمسة أضعاف أكثر وبأقل من سدس اليد العاملة مقارنة مَعَ بلوكباستر (Blockbuster).

التَارِيخ أثبت أن الأتمتة كَانَ لَهَا تأثير إيجابي عَلَى المدى الطويل، الفرق هَذِهِ المرة أننا نتكلم عَنْ ثورة هائلة، إِذْ أصبحت الآلات تمتلك ذكاءً مثل البشر يمكٌنها من تشخيص بعض الأمراض وقيادة السيارات وَحَتَّى المتاجرة فِي أسواق البورصة. مِمَّا يضعنا أَمَامَ نطاق واسع من الوظائف المهددة، هَذَا التهديد لَمْ يعد مقتصرا فَقَطْ عَلَى عمال المصانع أَوْ أصحاب الوظائف البسيطة وأصبحنا نتكلم عَنْ ملايين المهندسين والأطباء ومقدمي الخدمات المالية اللَّذِينَ يمثلون معظم خريجي الجامعات والمعاهد حاليا. وِفْقًا لدراسة أجرتها المؤسسة العالمية للاستشارات “برايس ووتر هاوس كوبر” (PWC) فِي عام 2017، فَإِنَّ أكثر من 38 بالمئة من الوظائف فِي الولايات المتحدة و35 بالمئة فِي ألمانيا و30 بالمئة فِي بريطانيا، معرضة لخطر الذكاء الاصطناعي والأتمتة بحلول عام 2030.

وللتعرف أكثر عَلَى طبيعة الوظائف المهددة، قَامَ خبراء مؤسسة ماكنزي (McKinsey) بنشر دراسة سنة 2018، اعتمادا عَلَى مبدأ أَنَّهُ كلما كَانَت المهام الَّتِي نزاولها يمكن أن تقوم بِهَا الآلة (كالمهام اليدوية والروتينية) كَانَت وظائفنا فِي خطر، وكلما كَانَت المهام تواصلية ولغوية وإبداعية كَانَ الخطر أقل. حَيْتُ إن خبراء هَذِهِ الدراسة قاموا بتصنيف 25 مهارة من المهارات المطلوبة فِي سوق الشغل تحت خمسة أقسام رئيسية: مهارات يدوية، مهارات بدائية وبسيطة، مهارات معرفية متقدمة، مهارات اجتماعية وعاطفية ومهارات تقنية. وَذَلِكَ بمقارنة وتحليل ساعات العمل المتاحة لِكُلِّ قسم من هَذِهِ المهارات فِي سنة 2016 والطلب المتوقع عَلَيْهَا فِي سنة 2030. باختصار، النتائج أَكَّدَتْ بوضوح أن التهديد سيكون بِشَكْل رئيسي عَلَى الوظائف المعتمدة بِشَكْل أساسي عَلَى المهارات اليدوية والبدائية البسيطة. فِي المقابل، الطلب سيزيد بِشَكْل ملحوظ عَلَى الوظائف الَّتِي تحتاج مهارات معرفية، تواصلية وتقنية.

بِشَكْل مفصل، المهام اليدوية (عمال المصانع، حراس الأمن…) حصلت عَلَى حوالي 203 مليارات ساعة عمل فِي سنة 2016، هَذَا الرقم من المتوقع أن ينخفض إِلَى 174 مليار ساعة عمل فِي سنة 2030؛ أي بنسبة انخفاض 14 بالمئة. بِالنِسْبَةِ للمهام المعرفية البسيطة (موظفي خدمة العملاء، مدخلي البيانات…)، من المتوقع أن ينخفض عدد ساعات العمل من 115 مليارا فِي سنة 2016 إِلَى 97 مليارا فِي سنة 2030؛ أي بنسبة انخفاض 15 بالمئة. فِيمَا يَخُصُّ المهارات المعرفية المتقدمة (الأطباء، المحاسبين، أخصائي الموارد البشرية…) من المتوقع أن يكون هُنَاكَ استقرار نسبي فِي ساعات العمل من حوالي 140 مليار ساعة عمل فِي سنة 2016 إِلَى حوالي 150 مليار ساعة عمل فِي سنة 2030.

بِالنِسْبَةِ للمهام التواصلية والعاطفية (المدربين، المعلمين، مخططي الأعمال، مندوبي المبيعات والتسويق…) فَهِيَّ آمنة من الذكاء الاصطناعي، حَيْتُ إن الطلب عَلَيْهَا سيزيد بِشَكْل ملحوظ وساعات العمل يتوقع أن ترتفع من 119 مليار ساعة عمل فِي سنة 2016 إِلَى حوالي 148 مليار ساعة عمل فِي سنة 2030؛ أي بِزِيَادَةٍ 24 بالمئة. وأخيرا نجد أصحاب المهارات التقنية (أخصائي الشبكات، محللي البيانات، خبراء الذكاء الاصطناعي والروبوتات، مطوري التطبيقات…) أَوْ حيتان المستقبل، إِذْ من المتوقع أن يَرْتَفِعُ الطلب من 73 مليار ساعة عمل فِي سنة 2016 إِلَى حوالي 113 مليار ساعة عمل فِي سنة 2030؛ أي بِزِيَادَةٍ 55 بالمئة.

مِمَّا لَا شَکَّ فِيهِ أن تأثير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي سيختلف من اقتصاد إِلَى آخر، حَيْتُ إن وتيرة أتمتة أي اقتصاد ترتبط بمجموعة من العوامل، نجد أولها طبيعة الاقتصاد نفسه. فمتطلبات الأتمتة فِي الاقتصادات الخدماتية (الولايات المتحدة وبريطانيا) مختلفة كَثِيرًا عَنْ نظيرتها فِي الاقتصادات الصناعية الكبرى (ألمانيا واليابان). الجدير بالذكر أيضًا أن وتيرة الأتمتة تختلف أيضًا بَيْنَ الاقتصادات المتشابهة. إِذَا أخذنا قطاع الخدمات المالية كمثال، نجد أن هُنَاكَ فرقا واضحا فِي وتيرة الأتمتة بَيْنَ الولايات المتحدة وبريطانيا كاقتصادات خدماتية بامتياز. فحسب الدراسة الَّتِي أنجزت مِنْ طَرَفِ “برايس ووتر هاوس كوبر” (PWC)، من المتوقع بحلول عام 2030 أن تبلغ نسبة أتمتة قطاع الخدمات المالية فِي الولايات المتحدة حوالي 61 بالمئة، فِي حين ستكون فِي حدود 32 بالمئة بِالنِسْبَةِ لنظيره البريطاني، والسبب أن متوسط التَّعْلِيم فِي بريطانيا أعلى من نظيره فِي الولايات المتحدة؛ مِمَّا يَعْنِي أن معظم المُوَظَّفِينَ فِي قطاع الخدمات المالية البريطاني هم من المحترفين اللَّذِينَ يشتغلون أساسا عَلَى الأسواق المالية العالمية فِي لندن، بَيْنَمَا جزء کَبِير من العاملين فِي هَذَا القطاع بالولايات المتحدة يعملون عَلَى مُسْتَوَى محلي ويحتاجون مهارات أقل، وَالبِتَّالِي سيكون من السهل استبدالهم من قبل الآلة الذكية. التحليل نفسه ينطبق عَلَى القطاع الصناعي بألمانيا واليابان، فقابلية الأتمتة بالصناعات اليابانية أقل بكثير من نظيرتها فِي ألمانيا، وَذَلِكَ راجع بالأساس إِلَى أَنَّ العمال فِي الصناعات الألمانية يقومون بأعمال يدوية أكثر مقارنة باليابان.

مِمَّا لَا يختلف فِيهِ اثنان، اعتمادا عَلَى الأرقام والإحصاءات السالفة، أننا بالفعل أَمَامَ ثورة مهمة فِي استبدال الوظائف. حَتَّى فِي الاقتصادات الصغرى كالمغرب، فَإِنَّهُ من المتوقع أن لَا تقل نسبة الأتمتة عَنْ 30 بالمئة، وَالبِتَّالِي نتكلم هُنَا عَنْ حوالي ثلث الوظائف بالمغرب سَيَتِمُ استبدالها فِي السنوات القليلة القادمة. هِيَ حقيقة مفزعة صراحة باعتبار البنية الراهنة للاقتصاد المغربي الَّذِي يَعْتَمِدُ فِي الأساس عَلَى القطاع الفلاحي بنسبة تتجاوز 14 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، إِذْ لَا يزال هَذَا القطاع أكبر مصدر للشغل فِي المَغْرِب، وحيث إن جل الوظائف بالقطاع الفلاحي هِيَ وظائف بِمَهَام يدوية، وَالبِتَّالِي سيكون من السهل استبدالها مِنْ طَرَفِ الآلة الذكية. الأمر نفسه ينطبق عَلَى القطاع الصناعي، فبنية هَذَا القطاع تتأسس بِشَكْل أساسي عَلَى وجود مجموعة من المصانع الَّتِي توظف عَدَدًا مهما من اليد العاملة المغربية فِي وظائف ذات مهام يدوية ومعرفية بسيطة (عمال كابلاج السيارات مثلا).

الخبر الجميل بِالنِسْبَةِ للمغرب أن وتيرة التحول الآلي فِي جل القطاعات ستكون أبطأ قليلا مقارنة بنظيرتها فِي الاقتصادات المتقدمة. فِي الحقيقة هَذَا لَا يَعْنِي أننا محصنون من تأثير الذكاء الاصطناعي، لكن يمكن القول إن العاصفة ستصل إلينا متأخرة قليلا، وَالبِتَّالِي سنجد وقتا أكبر للتأقلم كدولة وكأشخاص. من المنظور الاستراتيجي، بَاتَ لِزاماً عَلَى الحكومات المغربية أن تولي أهمية أكبر لملاءمة النظام التعليمي مَعَ تبعيات الأتمتة، وَذَلِكَ عبر مراجعة كل التخصصات والتكوينات بالجامعات والمعاهد المغربية والانفتاح عَلَى تكوينات جديدة من شَأْنِهَا أن تطور من المهارات التقنية واللغوية لتسليح الجيل الصاعد بالأدوات اللازمة لسوق الشغل المتغير، وَالبِتَّالِي القيام بإجراءات استباقية تحسبا لِهَذَا التحول.

مَعَ بداية الألفية الثَّـالِثَة، بدأ المَغْرِب، بفضل السياسة الحكيمة والمتبصرة لجلالة الملك، أوراشاً كبرى فِي القطاع الخدماتي سيكون لَهَا أثر إيجابي کَبِير عَلَى تنافسية الاقتصاد المغربي. الحديث هُنَا عَنْ مجوعة من المنصات، أبرزها مِنَصَّة تكنوبوليس (Technopolis) بالرباط ثُمَّ مِنَصَّة كازانيرشور (Casanearshore) بالدار البيضاء. منصات خدماتية تضم مجموعة من الشركات العالمية المتخصصة فِي مجال الرقمنة وتكنولوجيا المَعْلُومَات، كعملاق الاستشارات الأمريكي “أكسنتشر” (Accenture) والشركة الفرنسية للخدمات الرقمية “كابجيميني” (Capgemini) والعملاق الصيني للاتصالات “هواوي” (Huawei) والشركة الفرنسية للاتصالات والخدمات الرقمية “أورنج” (Orange)، ثُمَّ المجموعة الأمريكية المتخصصة فِي معدات تكييف الهواء “كاريير” (Carrier)، ومجموعة أُخْرَى من الشركات ذات الصيت العالمي. حَيْتُ قَامَتْ هَذِهِ الشركات بافتتاح مراكز الخبرة فِي البحث والابتكار لاستهداف الكفاءات المغربية ذات المؤهلات التقنية واللغوية العالية، كمطوري التطبيقات وخبراء الذكاء الاصطناعي ومحللي وعلماء البيانات. دون نسيان المدينة المالية للدار البيضاء (CFC) الَّتِي تطمح لِأَنَّ تكون قطبا ماليا إفريقيا مهما مِنْ شَأْنِهِ أن يرفع من مُسْتَوَى قطاع الخدمات المالي المغربي والأفريقي. مثل هَذِهِ المنصات من شَأْنِهَا أن تساهم بِشَكْل کَبِير فِي الرفع من تدفق العملات الأجنبية للمغرب، وَالبِتَّالِي الرفع من احتياطي العملات الصعبة، مِمَّا سيقوي من الدرهم المغربي، خُصُوصًا فِي ظل مشروع التعويم الَّذِي يهدف إِلَى الرفع من تنافسية الاقتصاد المغربي لتحصينه من الأزمات المالية العالمية وتقلبات السوق. كل هَذَا سيكون لَهُ بالطبع انعكاس إيجابي عَلَى دورات الإنتاج، وَالبِتَّالِي خلق فرص شغل جديدة، مِمَّا سيرفع من القدرة الشرائية للمغاربة.

موازاة مَعَ ذَلِكَ، فمسؤوليتنا كأفراد تَتَجَلَّى فِي ضرورة اختيار تكوين دراسي يتماشى مَعَ كل هَذِهِ المتغيرات والحرص عَلَى التسلح باللُّغَةِ الإنجليزية الَّتِي ستمكننا من امتلاك واحتراف المهارات التقنية والمعرفية اللازمة لمجاراة هَذَا التحول والأتمتة.

مواضيع ذات صلة
مقالات

أنشر الموضوع مع أصدقائك

التعليقات
0 التعليقات

Aucun commentaire: