مفهوم علوم التربية


يطلق مفهوم البيداغوجيا إلى الطرق والأساليب والمنهجيات التي يلجأ إليها المعلمون والأساتذة لشرح ولتوصيل الدروس إلى التلاميذ والطلبة بشكل جيد وفعال بالاستناد إلى التجارب والنظريات والمعلومات المكتسبة والاختبارات، لضمان الفهم الجيد لها. ويعنى بعلم التربية بالبحث والتفصيل في هذه الطرق والنسق التربوية ومدى فاعليتها ونجاحها في استيعاب الطلبة للدروس وفهمها بكل وضوح، ذلك بهدف تحقيق النتائج المرجوة والمنتظرة من العلوم التربوية.

يركز علم التربية في دراسته على تقييم مدى الانسجام المتبادل بين الطلبة ومعلميهم. كما يهتم ببحث تعامل الأساتذة مع البداغوجيات المختارة والمعمول بها والأساليب التعليمية المطبقة في الصفوف أو الحجرات الدراسية. ومن هذا نستخلص أن علم التربية، علم يعتمد على الطريقة الواعية، والأسلوب الناضج في عملية التدريس.

بالتفصيل فعلم التربية يعني اختيار الأستاذ لإستراتجيات فعالة في عملية التدريس بالاعتماد على مدى معرفته بطلابه والدروس التي سيعلمها لهم، وكعلم ناجح ومعتمد بشكل كبير في التدريس، فعلم التربية يقوم بمساعدة علم النفس التربوي والمنهج الفلسفي الذي يهتم بالتركيز على أهمية التعليم.

أولا: نتائج ومردودية علم التربية

عندما يكون المعلم عارفا ومحددا أهدافه من العملية التعلمية ومتمكنا من النسق التربوية التعليمية التي يعتمدها ويتبعها، فلابد أن تكون له نتائج ايجابية على كلا الطرفين ومن هذه النتائج نذكر:

حسن اختيار الاستراتيجية والأسلوب الفعال في التعليم يعود بالطبع بنتائج جد مرضية على كلا طرفي عملية التدريس. فهو يرفع من جودة التعليم ويسهل العملية للأستاذ، ويضمن نتائج ايجابية في الأخير، كما ينمي القدرات العقلية للتلاميذ من فهم واستيعاب وإدراك جيد لكل المواد بشكل جيد وبسيط.

تحقيق اندماج فعال وخلق بيئات تعليمية تستند على الانسجام والتفاعل الإيجابي الواحد.

تطوير قدرات الطالب وإعانته على تجاوز مرحلة التلقين والحفظ إلى مرحلة الاستفسار والنقد والتحليل والاستنتاج وابتكار الأفكار أي التفكير المركب.

يمكن للأستاذ المتمرس انطلاقا من طريقة تعامل الطلاب وتفاعلهم معه ومع طريقة شرحه لدروس وكمية المعلومات التي تبقى راسخة في أذهانهم استنتاج الاستراتيجية الناجحة والتي يفضلها طلابه في التعلم والتي يجب عليه إتباعها في عملية التدريس للوصول إلى نتائج مرضية.

ثانيا: أنواع علم التربية

توجد أنواع كثيرة ومتنوعة من علوم التربية لكن سنتطرق إلى الثلاثة أنماط المهمة، وهي على الشكل التالي:

علم تربية يتمحور حول المتعلم: تطلق عليه مجموعة من التسميات من قبيل التعلم البناء، والتعلم المتمركز على الطالب والتعلم التشاركي إلى غيرها من التسميات، يعطي هذا النوع من التعلم الأهمية الكبرى لطالب كمحور رئيسي في نجاح واستمرار العملية التعليمية، هذه النظريات تدعو في أساسياتها إلى دراسة المعارف القبلية للطالب ومكتسباته السابقة، ومدى استعداده للتعامل مع المهارات والمعارف الجديدة التي هو مقبل عليها، بهدف الوصول إلى فكرة رئيسة حول الطالب بمساعدة الأستاذ الذي يوفر له الظروف الملائمة والبيئة المثالية لبلوغ الهدف المنشود. غير أن هذا الشكل يواجه تحديات ولعل أبرزها استحالة عملية تقييم الطلاب بشكل متواصل وقد تتطلب بين الحين والأخر تغيير المنهجية أو الشكل التربوي المعتمد.

علم تربية يتمحور حول المعلم: بالنسبة لهذا النمط من التربية فهو يعطي الأهمية إلى المعلم ويعتبره محور العملية الدراسية. ويركز عليه بشكل كامل من حيث طريقة تلقينه الدروس وطرق المعتمدة في الشرح، بالإضافة إلى كيفية الإجابة على الأسئلة المطروحة في الصف وطريقة طرح وتبادل الأسئلة بين المعلم والطلاب وكيفية تسييره لصفه. ويتعرض هذا النمط للانتقاد باعتباره أسلوب يعتمد على إيجاد وتعليم الأساسيات فقط، لكن أيضا هذا يساعد كثيرا في توضيح الكثير والشرح المفصل للدروس وتدعم الفهم الجيد لها.

علم تربية يتمحور حول عملية التعلم: يركز هذا القسم من العلم على ظروف سير العملية التعليمية فهو مفهوم جديد يعتمد على مدى التناسب والانسجام والتعاون الحاصل بين الشكلين المذكورين سلفا من العلوم، ويؤكد على فعاليتها فقط إذا توفرت الشروط والبيئة المناسبة لسير العملية بمرونة وسلاسة، مثل عدد الطلاب أو التلاميذ بالقسم وإلى توفر أو عدم توفر الأجهزة والآليات الضرورية لضمان جودة التعلم، كما يهتم بمدى توافق وملائمة النهج والنسق التربوية المختارة مع البيئة التي تتم فيها عملية التعلم.

ثالثا: انواع التعليم في علوم التربية

بحسب علوم التربية فهناك أربع أنواع وأساليب مهمة من التعليم وهي كالتالي:

أسلوب التعليم البصري المرئي: يستخدم هذا النوع كل الوسائل المرئية من صور وخطاطات وتجارب فعلية في عملية التعلم، فهي تساهم بشكل كبير في الشرح والتوضيح وتبيان العلاقة بين ما يرونه وما يدرسونه.

أسلوب التعليم السمعي: يعتمد هذا النوع من التعليم على مهارات الطلاب في الاستماع والتركيز أثناء شرح الأستاذ أو عند استعمال التسجيلات الصوتية في الصف. فهذا يمكنهم من التقاط عدد لا بأس به من المعلومات.

أسلوب تعليم من خلال الكتابة والقراءة: القراءة ثم الكتابة عمليتان ضروريتان متلازمتان في التعلم وفي هذا الأسلوب فالقراءة تمكن من الحصول على مجموعة من المعلومات وتكون الحاجة إلى تلخيصها وإعادة كتابها بعد ذلك مباشرة بعد فهمها.

أسلوب تعليم حسي حركي: يعتمد هذا النوع من التعليم على استخدام الأجهزة والوسائل التعليمية المادية الملموسة أثناء عملية التعلم وكذا القيام بأنشطة حركية داعمة.

رابعا: علاقة علم التربية بالعلوم الأخرى

تتفرع علوم التربية من أحد فروع العلوم الإنسانية، حيث يبحث في مجالات الإنسان ويدرس مدى ارتباطه الوثيق بمحيطه وحدود تعامله مع الآخر، وكيف يستجيب للبيئة المحيطة به، إذن فما هي صلة الوصل التي تربط علوم التربية بباقي العلوم الأخرى:

علم التربية وعلم النفس: يهتم علم النفس بمراقبة ردود أفعال الأشخاص في وضعيات مختلفة، ويقوم يرصد كيفية تعاملهم مع تلك الوضعيات باختلافها من شخص لأخر وكيف يتصرفون تجاه المواقف التي تعرضوا لها، مثال دراسة تصرفات الأطفال في المدارس تجاه مجموعة من السلوكيات التي تصدر من أصدقائهم كالتنمر مثلا، فهذا السلوك يتصل بالتربية.

علم التربية وعلم الاجتماع: يعد علم من أهم فروع العلوم الإنسانية، مهمته التعمق في دراسة المجتمعات ودراسة سلوكياته. بالإضافة إلى البحث في مجال الظواهر الاجتماعية؛ أسبابها ومميزاتها. ومن هنا نستنتج العلاقة بينها وبين علوم التربية حيث أن علم الاجتماع يعد من قواعده الأساسية. وتتجلى نقط ارتباطهما في المواضيع التي يقوم علم الاجتماع بالتطرق إليها والتي لها علاقة بعلم التربية، كالظواهر الاجتماعية مثل الفقر، والثقافية مثال الأمية الخ. ويطلق عليها علم الاجتماع التربوي الذي يدرس تفاعل الأفراد بمجتمعاتهم ومدى انسجام الفرد داخل مجتمع معين.

التربية والفلسفة: علوم التربية والعلوم الفلسفية علوم لا يمكن الفصل بينها، فهما مترابطان ومتكاملان، بصيغة أدق فمثلا فيما يخص مسألة اثبات الوجود فالفلسفة تدرسه وتدرس النظريات المطروحة بهذا الخصوص وتبحث الفلسفة في القيم والمبادئ المعروفة المحضة في حين أن التربية متصلة بها مباشرة، فالتربية في تحليلاتها واستنتاجاتها تعتمد على الحقائق التي أثبتها علم الفلسفة واعتبرها مسلمات. يسمى فلسفة التربية ذلك التداخل الذي يكون بين التربية والفلسفة كعلمين في البحث والوصول إلى الحقيقة بالإضافة إلى أن النهج التربوي يمثل أحد أقسام الفلسفة في الوصول إلى حقيقة الوجود الإنساني والهدف منه.

علم التربية وعلم الإنسان: لا يمكن الفصل بين علوم التربية وعلم الإنسان لأنهما يشتركان في مجموعة من النقط من حيث المواضيع التي يقومان بدراستها كالتقاليد والعادات، والتاريخ والثقافات…فعلم الإنسان يعمل على البحث في نوع الأجناس البشرية، ويدرس تنوعها وتنوع سلوكياتها، كدراسة الإنسان البدائي والحياة البدائية البسيطة. فهو أحد العلوم الإنسانية الذي يهتم بالتربية وتحليل سلوك الإنسان. إذن فالتربية تعمل على جعل الإنسان يتعايش وينسجم مع ثقافات وعادات وسلوكيات مجتمعه التي ألفها.
موقع التعليم

مواضيع ذات صلة
علوم التربية

أنشر الموضوع مع أصدقائك

التعليقات
0 التعليقات

Aucun commentaire: