مرة أخرى، تثير حكومة عزيز أخنوش جدلًا واسعًا في الشارع المغربي، بعد تسجيل غياب رئيس الحكومة عن مواقع الكوارث الطبيعية التي ضربت عدداً من المدن، وآخرها الفيضانات القاتلة والمدمرة التي خلّفت خسائر بشرية ومادية مؤلمة بمدينة آسفي. هذا الغياب لم يمرّ دون انتقاد، إذ اعتبره كثير من المواطنين دليلاً على اتساع الفجوة بين السلطة التنفيذية وهموم الشارع، وعلى ضعف الإحساس السياسي بثقل المسؤولية في لحظات الأزمات.
في مثل هذه الفواجع، لا يقتصر دور المسؤول الحكومي على التدبير الإداري أو إصدار البلاغات، بل يتجاوز ذلك إلى الحضور الميداني، والاستماع للمتضررين، وتقديم التعزية والدعم المعنوي، وهي عناصر أساسية في بناء الثقة بين الدولة والمواطن. غير أن تكرار غياب رئيس الحكومة عن عين المكان أعاد إلى الواجهة سؤال التواصل السياسي، ومدى قدرة الحكومة الحالية على التفاعل الإنساني مع معاناة المغاربة.
يرى منتقدو هذا السلوك أن الأمر لا يتعلق بالصدفة، بل يعكس منطقًا سياسيًا يتجنب مواجهة الغضب الشعبي، خاصة في سياق اجتماعي موسوم بارتفاع الأسعار، وتآكل القدرة الشرائية، وتزايد الإحساس بالهشاشة. فالوقوف وسط أسر مكلومة ومناطق منكوبة قد يفتح الباب أمام مساءلة مباشرة حول السياسات العمومية، وحول مدى جاهزية الدولة للوقاية من الكوارث والتقليل من آثارها.
كما يربط متابعون هذا الغياب بما يعتبرونه ضعفًا في الشجاعة السياسية للاعتراف بالاختلالات، سواء تعلق الأمر بالبنية التحتية، أو بسياسات التهيئة، أو بسرعة التدخل بعد الكوارث. فالمواطن المغربي لا ينتظر حلولًا فورية فقط، بل ينتظر أيضًا خطابًا صريحًا، وحضورًا مسؤولًا يشعره بأن حياته وكرامته في صلب الاهتمام الحكومي. في المحصلة، فإن تدبير الكوارث ليس اختبارًا تقنيًا فحسب، بل هو امتحان أخلاقي وسياسي. وحكومة تغيب عن لحظات الألم الجماعي، تخاطر بتعميق القطيعة مع الشارع، وتفقد فرصة ثمينة لإعادة بناء الثقة. فالمغاربة، في أوقات الشدة، يحتاجون إلى دولة حاضرة، لا تكتفي بالأرقام، بل تضع الإنسان في صدارة أولوياتها.


0 التعليقات