في أعالي الجبال والقرى النائية بالمغرب، تقف المدرسة العمومية شامخة رغم قساوة الطبيعة وبعد المسالك، شاهدة على تضحيات جسيمة تقدمها نساء ورجال التعليم، الذين اختاروا أن يجعلوا من رسالتهم التربوية فعلَ نبلٍ يومي، يتحدى العزلة والبرد والثلوج من أجل ضمان حق أبناء الوطن في التعلم.
هناك، حيث تتقطع الطرق وتشتد الظروف المناخية، يصل الأستاذ إلى القسم بعد مسافات طويلة، أحيانًا على الأقدام، حاملًا معه دفاتر وأقلامًا وأملًا لا ينطفئ. لا يقتصر دوره على تقديم الدروس، بل يتحول إلى مربٍ ومرشد، وسندٍ نفسي واجتماعي لتلاميذ حُرموا من أبسط شروط العيش الكريم. فداخل تلك الحجرات البسيطة، تُبنى الأحلام، وتُزرع قيم المواطنة والصبر والانتماء.
رغم هشاشة البنيات التحتية ونقص التجهيزات، يظل العطاء التربوي ثابتًا، لأن نساء ورجال التعليم يدركون أن المدرسة العمومية في هذه المناطق ليست مجرد فضاء للتعلم، بل شريان حياة يربط القرية بالمستقبل. إنهم يصنعون الفرق بصمت، ويواجهون الإكراهات بإيمان عميق برسالتهم الإنسانية.
تضحياتهم اليومية تؤكد أن التعليم العمومي ليس مجرد خدمة، بل ركيزة أساسية لصون كرامة الوطن وتحقيق العدالة المجالية. فبفضل صمودهم، تستمر الحياة في الجبال، ويظل الأمل ممكنًا، ويكبر الحلم في عيون تلاميذ ينتظرون غدًا أفضل، عنوانه المعرفة والكرامة.


0 التعليقات