اليوم العالمي للغة العربية: واقع لغة الضاد بالمغرب في حفظ الهوية بين المنجزات والتحديات

يُخلِّد العالم، في الثامن عشر من دجنبر من كل سنة، اليوم العالمي للغة العربية، احتفاءً بلغةٍ عريقة شكّلت على مدى قرون أداة للتواصل والمعرفة وحفظ الهوية والحضارة. وبالمغرب، تكتسي هذه المناسبة بعداً خاصاً، باعتبار العربية لغة رسمية إلى جانب الأمازيغية، ومكوّناً أساسياً من مكونات الهوية الوطنية، ما يفتح النقاش حول حصيلة حضور “لغة الضاد” والتحديات التي ما تزال تواجهها.

على مستوى الحصيلة، حققت اللغة العربية بالمغرب مكاسب مهمة، أبرزها دسترة وضعها كلغة رسمية في دستور 2011، واعتمادها لغةً أساسية في الإدارة والتشريع والقضاء، فضلاً عن حضورها الواسع في الإعلام العمومي والتعليم. كما شهدت السنوات الأخيرة تنامياً في الإنتاج الأدبي والفكري باللغة العربية، وتزايد المبادرات الثقافية والأكاديمية الرامية إلى النهوض بها وتعزيز استعمالها في البحث العلمي.

غير أن هذه المكاسب لا تُخفي جملة من الإكراهات. ففي المجال التعليمي، ما تزال العربية تعاني من ضعف توظيفها في تدريس العلوم والتقنيات، مقابل تنامي الاعتماد على اللغات الأجنبية، خاصة الفرنسية والإنجليزية، وهو ما يطرح إشكالات مرتبطة بتكافؤ الفرص وجودة التحصيل الدراسي. كما تواجه العربية منافسة قوية في الفضاء الرقمي، حيث يطغى المحتوى الأجنبي، في ظل محدودية المحتوى العربي الجذاب والمواكب للتطور التكنولوجي.

أما في الحياة اليومية، فيُلاحظ تراجع استعمال العربية الفصيحة لصالح اللهجات أو اللغات الأجنبية، خصوصاً في الفضاءات الحضرية والاقتصادية، ما يؤثر على مكانتها الرمزية والتواصلية. وتزداد هذه التحديات مع العولمة وتسارع التحولات الثقافية، ما يستدعي سياسات لغوية متوازنة، تُعزز العربية دون إقصاء لبقية اللغات.

إن اليوم العالمي للغة العربية يشكل مناسبة لتجديد الالتزام الجماعي بحماية “لغة الضاد”، عبر إصلاح منظومة التعليم، وتشجيع البحث والترجمة، ودعم المحتوى الرقمي العربي، حتى تظل العربية بالمغرب لغة حية قادرة على مواكبة العصر وحفظ الهوية في آن واحد.

مواضيع ذات صلة
مستجدات

أنشر الموضوع مع أصدقائك

التعليقات
0 التعليقات

Aucun commentaire: