النص السماعي فِي الطَّرِيقِ إِلى أَغْمَاتَ pdf

جَمَعَنِي مِهْرَجَانُ مُرَّاكُشَ لِلشِّعْرِ بِبَعْضِ الْأُدَبِاءِ الْعَرَبِ الْمُشارِكِينَ فِي الْمِهْرَجَانِ، فَأَلَحُوا عَلَيَّ أَنْ أَقومَ بِزِيارَةٍ سِياحِيَّةٍ لِقَبْرِ الْمُعْتَمِدِ بـ «أَغْمَاتَ». رَحْبْتُ بِالْفِكْرَةِ، وَقُلْتُ لَهُمْ : «إِذَنْ تَرْغَبُونَ فِي زِيارَةٍ سِياحِيَّةٍ أَثَرِيَّة لـ «أغمات» التي كانَتْ عاصِمَةً لِجَنُوبِ الْمَغْرِبِ قَبْلَ مُرَاكُشَ قالوا: «نَعَمْ، وَلَكَ الشُّكْرُ» رَكِبْنا سَيَّارَةً فِي صَباحِ الْغَدِ، قاصدينَ أَعْمَاتَ» فِي أَتِّجَاهِ مُنْتَجَعِ أُورِيكَةً وَالْأَطْلَسِ الْكَبيرِ وَفِي الطَّرِيقِ بَدَأْتُ أُحَدِّثُ رُفَقَائِي الْأَدَبَاءَ عَنْ تَارِيخِ «أَغمات» وَمَآثِرِها ، ذَكَرْتُ لَهُمْ مَا وَصَفَهَا بِهِ إِبْنُ الْخَطِيبِ.

وَصَلْنَا «أَغْمَاتِ» فَأَلَحٌ رُفَقَائي عَلَى الْبَدْهِ بِزِيارَةِ قَبْرِ « الْمُعْتَمِدِ» أَوْلاً، فَأَجَبْتُ طَلَبَهُمْ، وَقُلْتُ أُخْبِرُكُمْ أَنَّ يوسفَ بْنَ تَاشْفِينَ جَمَعَ بَعْضَ أَمَرَاءِ الْأَنْدَلُسِ، وَمِنْهُمُ الْمُعْتَمِدُ فِي مَسْكَنِهِ بـ «أَعْماتَ»، بَعْدَما ضَمَّ الْأَنْدَلُسَ إِلَى الْمَغْرِبِ وَها أَنْتُمْ تَرَوْنَ أَنْ ضَرِيحَ الْمُعْتَمَدِ مُزَيَّنٌ بِقُبَّةٍ جَمِيلَةٍ ، لَهَا شَبِيهَةٍ طِبْقَ الْأَصْلِ بِمُرَاكُشَ ، وَها أَنتُمْ تَرَوْنَ كَذَلِكَ جُثْمَانَ الْمُعْتَمِدِ يَرْقُدُ إِلَى جَانِبِ قَصِيدَةٍ نَظَمَها الْمُعْتَمِدُ، وَأَوْصَى أَنْ تُكتَبَ عَلَى قَبْرِهِ.

خَرَجْنَا مِنَ الضَّرِيحٍ ، وَ قَصَدْنا جِهَاتٍ أَثَرِيَّةً أُخْرى ب «أَغْمَاتَ» مِنْهَا بَقَايَا السَورِ الْقَدِيمِ، وَحَمَامُ الْبَلْدَةِ فِي عَهْدِهَا الْقَدِيمِ الَّذِي يَتَكَوَّنُ مِنْ ثَلاثِ غُرَفٍ فَسِيحَةٍ إِضَافَةً إِلَى هَذَا الْحَمَامِ، هَذِهِ السَّاقِيَةَ الْكُبْرَى الَّتي تَقْسِمُ مَوْقِعَ «أَعْماتَ» إِلَى شَطْرَيْنِ، وَهَذَا الصِّهْرِيجُ وَ «الْخَطَّارَاتُ» الَّتي تُؤَكِّدُ الْاِزْدِهَارَ الْعُمْرَانِيِّ لِأَغْمَاتَ. أنْظُروا معي

حَانَ مَوْعِدُ الْغَدَاءِ فَقَفَلْنا راجعين إلى مُرَاكُشَ وَ فِي الطَّرِيقِ خُضْنَا فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ مُتَنَوِّعَةٍ، حَوْلَ تاريخِ الْمُعْتَمِدِ وَ «أَعْماتَ وَكَيْفَ أَنْ عُلَماءَ الْآثَارِ قَدْ جَعَلُوا مِنْ أَعْمَاتَ» قِبْلَةً لِلتَّنْقِيبِ عَنِ الْآثَارِ ، ثُمَّ سَكَتْ قَليلاً، وَأَضَفْتُ ، إذا كانَ نَعِيمُ الشَّعْرِ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ قَرِيحَةُ الْمُعْتَمِدِ قَدْ رَادَ فِي شُهْرَةِ أَغْمَاتَ ، مِمَّا دَفَعَ الْعَدِيدِينَ إِلى زِيارَةِ قَبْرِهِ كُلَّما حَلُّوا بِمُرَاكُشَ، فَإِنَّ هُناكَ مَزايا أُخْرى، وَهِيَ زِيارَةُ الْمَآثِرِ الْقَديمَةِ التي تَشْهَدُ عَلى تاريخها وَ التَّمَتُّعِ بِالْمَناظِرِ الْجَمِيلَةِ عَلَى سُفوحِ الْأَطْلَسِ الْكَبيرِ الَّتي مازالَتْ تَحْظى بها «أَعْمَاتُ» وَ تَزيدُها بَهَاءً . ،

ياسين عدنان دبي الثقافية عدد : 64 سبتمبر 2010 ص. 14-16 - بتصرف