1 - قسم لا يعرفون إلا أوطانهم الصغيرة، وهؤلاء
هم الأنانيون الذين يعيشون على أممهم كما تعيش الطفيليات على دم غيرها من الحيوان،
وهم في الغالب لا يكون منهم خير حتى لأقاربهم وأهل بيتهم.
2 - وقسم يعرفون وطنهم الكبير فيعملون في
سبيله كل ما يرون فيه خيره ونفعه ولو بإدخال الضرر والشر على الأوطان الأخرى بل يعملون
دائما على امتصاص دماء الأمم والتوسع في الملك لا تردهم إلا القوة. وهؤلاء شر وبلاء
على غير أممهم ، فهم مصيبة البشرية جمعاء.
3 - وقسم زعموا أنهم لا يعرفون إلا الوطن
الأكبر وأنكروا وطنيات الأمم - كما أنكروا أديانها - وعدوها مفرقة بين البشر. وهؤلاء
عاكسوا الطبيعة جملة وما عرفته البشرية منذ آلاف السنين ودلائل الفشل على تجربتهم حيث
أجروا تجربتهم لا تكاد تخفى.
4 - وقسم اعترف بهذه الوطنيات كلها ونزلها
منازلها غير عادية ولا معدود عليها، ورتبها ترتيبها الطبيعي في تدرجها، كل واحدة منها
مبنية على ما قبلها ودعامة لما بعدها. وآمن - هذا القسم - بأن الإنسان يجد صورته وخيره
وسعادته في يته ووطنه الصغير وكذلك يجدها في أمته ووطنه الكبير ويجدها في الإنسانية
كلها وطنه الأكبر.
وهذا الرابع هو الوطنية الإسلامية العادلة. إذ هي التي تحافظ على الأسرة بجميع
مكوناتها وعلى الأمة بجميع مقوماتها وتحترم الإنسانية في جميع أجناسها وأديانها.
عبد
الحميد بن باديس، مجلة الشهاب، الجزء السابع، ص: 304 – 307 (بتصرف).
I
- عتبة القراءة:
1 – ملاحظة مؤشرات النص الخارجية:
أ – مجال النص:
يندرج النص ضمن
مجال القيم الوطنية والإنسانية.
ب – مصدر النص:
النص مقتطف
من كتاب «الشهاب»
الجزء السابع للكاتب الجزائري عبد الحميد بن باديس.
ج - نوعية النص:
مقالة
تفسيرية ذات بعد وطني.
د – العنوان (الوطن والوطنية):
عنوان النص
مركب عطفي يتألف من ثلاث كلمات:
ü
الوطن: وهو اسم
لمكان إقامة الإنسان.
ü
الواو: حرف عطف
يدل على العلاقة بين المعطوف والمعطوف عليه.
ü
الوطنية: وهي مجموع
الصفات التي تجعل الإنسان مواطنا متمسكا بوطنه ومحبا لبلاده.
هـ – بداية النص
ونهايته:
ü
بداية النص: تنسجم مع الجزء الأول من العنوان، لأنها تشير إلى فطرة في الإنسان تجعله شديد
الارتباط والتعلق بوطنه، وهذه الفطرة هي حب الذات.
ü
نهاية النص: تنسجم مع الجزء الأخير من العنوان لأنها تشير إلى الوطنية الإسلامية العادلة
وتبرز أهميتها وفائدتها.
و - الصورة
المرفقة بالنص:
هي صورة
مركبة تمثل الكرة الأرضية وحولها أطفال من جنسيات مختلفة، مما يوحي بأن الوطن
المشترك بين البشر هو كوكب الأرض، وأن الوطنية الحقة هي التضامن والتآخي والتعايش
بين الشعوب والأجناس المختلفة.
2
- بناء فرضية القراءة:
بناء على المؤشرات
الأولية للنص نفترض أن موضوعه ربما سيتحدث عن مفهوم الوطن والوطنية وعلاقة الناس
بأوطانهم.
II
- القراءة التوجيهية:
1 – الايضاح اللغوي:
o
نواميس: قوانين.
o
الخلقة: الطبيعة
والغريزة.
o
استمد: أخذ.
o
يماثلونه: يشبهونه.
o
نوازعه ومنازعه: رغباته وميولاته
o
العرف العام: ما يتعارف عليه الناس في عاداتهم وتقاليدهم.
o
طفرة: إنتقال
سريع.
o
الأناني: المعتز
بنفسه بشكل كبير ومبالغ فيه.
2 - الفكرة المحورية للنص:
يعالج
الكاتب في هذا النص مفهوم الوطنية في أبعادها المختلفة ويصل في النهاية إلى تحديد
موقفه باختيار مفهوم الوطنية الإسلامية العادلة.
III
- القراءة التحليلية للنص:
1 - الأفكار الأساسية:
ü
اعتبر الكاتب أن حب الطفل لبيته يعكس حبه لذاته بحيث في البيت يجد ما يحقق كل
متطلباته.
ü
يبين الكاتب في هذه الفقرة العوامل الموضوعية التي تجعل الإنسان يحب أهله
وبيته الذين يماثلونه في ماضيه وحاضره ومستقبله.
ü
دور العلم في جعل الإنسان يحب كل من يجسد صورته الإنسانية عبر العالم.
ü
قسم الكاتب الناس في إطار موضوع الوطنية إلى أربعة أقسام، قسم لا يعرف إلا
وطنه الصغير فقط وآخر يعرف ويؤمن بالوطن الكبير وقسم ثالث ينكر كل الوطنيات ويعترف
بالوطن الأكبر فقط وقسم يعترف بجميع الوطنيات السابقة.
ü
تحديد الكاتب المفهوم الصحيح للوطنية بالنسبة إليه وأطلق عليها الوطنية
الإسلامية العادلة.
VI
- التركيب والتقويم:
1 - التركيب:
يتضح مما سبق أن الوطن مفهوم يتغير بحسب درجة
وعي الشخص وثقافته، وأن الوطنية صفة نابعة من علاقة الإنسان بهذا الوطن تزداد بحبه
لوطنه وتنقص بعبثيته وعدم مبالاته بوطنه. وقد ترتب عن هذه العلاقة اختلاف في الرؤى
ووجهات النظر تجاه الوطن بين الأنانيين المحبين لأوطانهم دون سواها، والجشعين ذوي
التفكير الاستعماري، والعبثيين المخالفين لسنن الطبيعة، والتوفيقيين المعتزين
بأوطانهم وسائر الأوطان الأخرى، وهذا الصنف الأخير هو الذي يمثله ديننا الحنيف
ويدعو إليه.
2 - التقويم:
يتضمن النص قيمة وطنية تتجلى في إبراز أهمية
الوطن بمفهومه الشمولي وعدم الاقتصار على النظرة التجزيئية التي لا تعترف إلا
بالوطن الصغير.