النص السماعي السياحة في عصرنا pdf

لَيْسَ مِنْ مُسْتَلْزَماتِ السّياحَةِ في عَصْرنا هذا أَنْ تَكونَ غَنِيًّا، فَقَدْ باتَ مِنَ الهواياتِ الْحَبَّبَةِ الَّتِي يُتَّقِنُ التَّعَامُلَ مَعَها طَائِفَةٌ مِنَ الشَّبابِ الْحَيَّ والمتيقظ، في عِدَّةِ أَقْطارِ مِنْ أوروبا، فَيَقومُ الْمَرْءُ بِسِياحَةَ لَا تَكَاذَ تُكَلِّفُهُ مِنَ النفقات أَكْثَرَ مِمّا تُكَلِّفَهُ الْإقامة في أَرْضِه و كَثيرًا ما تلقى طالبًا من أوروبا يَجوبُ الأَقْطَارَ سَعْيًا على الرِّجْلِ أَوْ رَاكِبًا دَرَاجَةً هَوائِيَّةً أَوْ ذاتَ مُحَرِّك ، وَقَدْ يَرْكَبُ أَحْيَانًا الدَّرَجَةَ الرّابِعَةَ مِنَ القِطَارِ إِنْ كَانَ الجَيْبِ فَضْلَّ مِنَ الدَّرَاهِم، فَإِذا جَنَّ الَّليلُ ، إِلْتَمَسَ لنَفْسِهِ مَبيتًا فِي مَأْوَى صَغِيرٍ ، أو تَحْتَ خَيْمَةٍ صغيرةٍ يحملها في حقيبته، أو لَدَى بَعْضِ الزراع.

إِنَّ السِّياحةَ أَجَلٌ دَرْسٍ، وَأَرْقَى أَنْواع التَّعَلُم ، فَهِيَ تُنمّي في الشَّخْصِيَّةِ الاعْتِمَادَ على النَّفْسِ وَالقُدْرَةَ على التَّحَوُّلِ ، كما أَنَّها تُكْسِبُ الْمَرْءَ مَعارِفَ وَخِبْرَاتٍ فَريدَةً وَمُتَعَدِّدَةً ، فهي تُوَفِّرُ لِلسّائح فُرْصَةَ الْمُعَامَرَةِ وَما يُصَاحِبَهَا مِنَ التَّمَتَّعِ بِالْإِثارَةِ ، كما تُعَلِّمُ الكثير من المهاراتِ الحَياتِيَّة الهامَّةٍ مِنْهَا بِنَاءُ الثَّقَةِ فِي النَّفْسِ وَالْقُدْرَةُ على الاعتماد عَلَيْهَا، كما تُمَكنُ مِنْ تَعَرُّف تقاليد وعادات الشعوب وَ طَرائِقِ عَيْشِهِمْ وَمَدَى تَقَدُّمِهِمْ، و قد يستفيدُ السَّائحُ الكَثيرَ مِنْ مُشاهَداتِهِ ، خَيُث تُوَفِّرُ لَهُ اكتشاف الأماكن الطَّبِيعِيَّةِ الجَذَابَةِ وزيارة المعالم التاريخيَّةِ والمتاحِفِ الرائِعَةِ ، كما تُنمّي لَدَيْهِ الرّوحَ الاِجْتِمَاعِيَّةَ والقُدْرَةَ عَلى التَّعَايَشِ مع مُخْتَلِفِ الثقافاتِ وتَرْسِيخَ مَبْدَأُ السَّلامِ وَالنِّسَامُح بَيْنَ الأفراد والشعوب المختلفة.

محمد عوض محمد / بتصرف بسيط