النص السماعي تأثير الانترنت والعاب الفيديو pdf

 تأثيراتُ الانْتِرْنِيتَ وَالْعَابَ الْفيديو

يَقْضِي الْمُراهِقُونَ فِي مُعْظَمِ أَنْحاءِ الْعالَمِ ساعاتٍ طويلة على الْأَنْتِرْنِيتِ يَوْمِيَا، فَمَا أَثَرُ هَذا الأَمْرِ عَلى عُقُولِهِمْ؟ وَهَلْ يُمْكِنُ أَنْ يُؤَذِيَ بِهِمْ هَذَا الْأَمْرُ إِلَى أَنْ يَسْتَجِيبُوا عَاطِفِياً للأيقوناتِ وَعِباراتِ الشّاتِ أَكْثَرَ مِن اسْتِجَابَتِهِمْ لِلتَّعامُلِ مَعَ الْأَشْحَاصِ الْحَقِيقِيِّينَ؟ هَذِهِ أَسْئِلَةٌ صَادِرَةٌ عَنْ والِدَيْنِ قَلِقَيْنِ، لَكِنَّها لَيْسَتْ كَذَلِكَ، فَهَذِهِ الْأَسْئِلَةُ هِيَ مَوْضُوعُ بَحْثٍ يَقومُ عَلَيْها حَالِياً عَدَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْباحِثينَ جَذَبَ الْعُنْفُ الْبالِغُ الَّذِي تَحْتَوِي عَلَيْهِ أَلْعَابُ الْفِيدِيو الْحَدِيثَةُ انْتِباهَ كُلِ الْمُجْتَمَعاتِ في مُعْظَمٍ أَنْحاءِ الْعالَمِ، وَقَدِ ارْتَفَعَتْ كَثِيرٌ مِنَ الْأَصْوَاتِ تُطَالِبُ بِالْحَدِ مِنَ الْعُنْفِ فِي أَلْعابِ الْفيديو.

إِنَّ الإِسْتِغالَ بِالْأَنْتِرْنِيتِ وَالْهَواتِفِ الْمَحْمُولَةِ قَدْ يُغَيْرُ مِنَ الطَّرِيقَةِ الَّتِي تَعْمَلُ بِهَا أَمْحَاخُنا، فَعِنْدَما يَقْضِي الْمُخُ وَقْتاً طويلاً في التَّعامُلِ مَعَ الْوَسَائِلِ التَّكْنُولُوجِيَّةِ، وَوَقْتاً أَقَلَّ مَعَ الأشخاص الْحَقِيقِيّينَ فَإِنَّهُ يَفْقِدُ تَدْريجياً المهاراتِ الأَساسِيَّةَ لِلتَّعامُلِ الاجْتِمَاعِي مَعَ النَّاسِ، كَما يَفْقِدُ الْقُدْرَةَ عَلَى قِراءَةِ وَفَهْمِ التَّعْبِيرَاتِ عَلى وُجوهِ النَّاسِ وَالَّتِي تَظْهَرُ أَثْنَاءَ الْمُحادَثَةِ مَعَهُمْ، وَهَكَذا تصيرُ الْوَصَلاتُ الْعَصَبِيَّةُ فِي الْمُخَ الْمَسْؤولَةَ عَنِ التَّعَامُلِ مَعَ العلاقاتِ الَّتِي تَتِمُّ وَجْهَا لِوَجْهِ تُصْبِحُ أَضْعَفَ، وَيُؤدّي هَذَا إِلَى أَنْ يُصْبِحَ الشَّخْصُ أَقَلَّ لباقة في التَّعامُلاتِ الاجْتِماعِيَّةِ، وَأَقَلَّ قُدْرَةً عَلَى التَّعَامُلِ مَعَ النَّاسِ، وَيُؤَدِّي بِهِ هَذَا إِلَى الْعُزْلَةِ الإِجْتِمَاعِيَّةِ ، وَبِالنِّسْبَةِ للطَّلَبَةِ، فَإِنَّهُمْ يُصْبِحُونَ أَقَلَّ قُدْرَةً عَلَى التَّعَلْمِ وَالْإِسْتيعاب في الفصول الدراسِيَّةِ.

يُناقِسُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ كَيْفَ غَيَّرَتِ التِّكْنولوجيا مِنْ عاداتنا في الْقِرَاءَةِ، إِذْ لاحظوا أَنَّ الطَّفْلَ يَتَعَلَّمُ الْقِراءَةَ، فَيَقومُ مُنَّهُ بِتَكْوين مَساراتٍ مَنْطِقِيَّةٍ لِتَحْلِيلِ الْكَلَامِ وَفَهْمِهِ، وَيُسمّي الْعَلَمَاءُ هَذِهِ الْعَمَلِيَّةَ الْقِرَاءَةُ الْعَمِيقَةُ ، وَتَسْتَغْرِقُ هَذِهِ الْقِراءَةُ الْعَمِيقَةُ وَقْتَا أَطْوَلَ مِنَ الْمُخَ لِيَتَمَكَّنَ مِنَ الإِسْتيعابِ الْكامِلِ لِما قَرَأَهُ، لَكِنْ ما الَّذِي سَيَحْدُثُ لِلْأَطْفَالِ الْيَوْمَ الَّذِينَ يَقْرَأُونَ كَثيراً عَلَى الشَّبَكَةِ الْعَنْكَبوتِيَّةِ ، وَمُعْظَمُها مَعلومات سَطْحِيَّةٌ تَتِمُ قِرَاءَتُهَا بِسُرْعَةٍ كَبِيرَةٍ، لَكِنْ مَا الَّذِي يَحْدُثُ لِلْأَطْفَالِ عِنْدَما يَتَعَلَّمُونَ فِي سِنّ مُبَكَّرَةٍ، أَنْ يَقْرَأَوا بِسُرْعَةٍ كَبِيرَةٍ عَلَى الْأَنْتِرْنِيتِ، وَهَلْ يُؤَثِرُ هَذَا الْأَمْرُ فِي قُدْرَتِهِمْ عَلَى الْوُصولِ إِلى مَرْحَلَةِ الْقِرَاءَةِ الْعَمِيقَةِ ؟ وَبِالتّالي استيعابِهِمْ الْكَامِلِ لِما يَقْرَأُونَهُ بِما يَجْعَلُهُمْ يَسْتَفِيدُونَ مِنْهُ؟ وَرَأَى عُلَمَاءُ الْإِجْتِمَاعِ أَنَّها سَتَجْعَلُ الْأَطْفَالَ أَكْثَرَ أَنْعِزالاً وَعُنْفاً وَسِلْبِيَّةً، وَالْيَوْمَ نَحْنُ نَعِيشُ ثَوْرَةَ مَعْلُومَاتٍ و اتصالات أُخْرى أَكْثَرَ شِدَّةً وَأَعْظَمَ أثراً تُهَدِّدُ بِأَنْعِز النا عَزَّلاً أجْتِمَاعِياً كامِلاً، فَإِذا اسْتَمَرَّ الطوفانُ الْعَاتِي لِهَذِهِ الثَّوْرَةِ الْمَعْلُومَاتِيَّةِ يَجْرِفْنا مَعَهُ، فَرُبَّما يَأْتي ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي نَجْلِسُ فِيهِ مُتَجاوِرِينَ أَمَامَ الشاشاتِ دونَ أَنْ نُفَكَّرَ في الالْتِفاتِ لِيَرِى بَعْضُنَا بَعْضاً.

 د. ميشيل حنا هل تؤثر التكنولوجيا في عقوا العربي العلمي - عدد 50 يونيو 2009 - ص.29.