النص السماعي قصور تافيلالت pdf

تُعْتَبَرُ الْقُصورُ وَالْقَصَباتُ مِنْ أَهْمِ الْمَعالِمِ الْمِعْمارِيَّةِ في واحاتٍ تافيلالت. وَالْقَصْرُ هُوَ سَكَنٌ مُغْلَقٌ داخِلَ الْمَجَالِ الزِّرَاعِيِّ لِلْوَاحَةِ. يَتَّخِذُ شَكلاً مُرَبَّعاً مُحاطاً بسورٍ أَمْنِي سَمِيكٍ، يَتَرَاوَحُ عَرْضُهُ بَيْنَ مِثْرٍ أَوْ مِثْرَيْنٍ، وَعُلُوهُ يَتَرَاوُحُ بَيْنَ خَمْسَةِ وَعَشَرَةِ أَمْتَارٍ. وَتَتَخَلَّلْهُ عِدَّةُ أَبْرَاجِ كَانَتْ تُخَصَّصُ للحراسة .

وبداخلِ الْقَصْرِ توجَدُ ساحَةً واسِعَةً تَتَفَرَّعُ مِنْهَا الْأَزِقَةُ، كَما تَضُمُ بَعْضَ الْمَرَافِقِ الْإِقْتِصَادِيَّةِ کالدكاكينِ وَمَرافِقَ اجْتِماعِيَّة، وَمِنْها مَكانٌ مُخَصَّص لِلاِجْتِماعاتِ وَمَسْجِدٌ لِلْعِبَادَةِ، وَالَّذِي تُبْنِى بِجَانِبِهِ مَجْمُوعَةٌ مِنَ الْمَرَافِقِ التَّابِعَةِ لَهُ، كَمَنْزِلِ الْإِمَامِ وَقاعاتٍ لِتَحْفِيظِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَتَدارُسِهِ. وَيَرْجِعُ تاريخُ ظُهورِ الْقُصورِ وَالْقَصَباتِ بتافيلالت إِلَى الْفَتْرَةِ السِّحِلْمَاسِيَّةِ، وَمِنْهَا مَا يَعودُ إِلَى فَتَراتٍ لاحِقَةٍ. وَإِذا كانَتْ كُلُّ الْقُصورِ تَتَشابَهُ مِنْ حَيْثُ التَّصْمِيمُ وَمَوَادُ الْبِناءِ، فَإِنَّهَا تَخْتَلِفُ إِلَى حَدٌ كَبِيرٍ مِنْ حَيْثُ التَّرْكِيبَةُ السُّكَانِيَّةُ وَالْوَظِيفَةُ. حَيْثُ يُمْكُنُ التَّمْيِيرُ بَيْنَ الْقُصُورِ الزَّوايَا الْمُرْتَبِطَةِ بِرَاوِيَةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَالْقُصورِ الْيَهُودِيَّةِ، وَالْقُصورِ الْمَخْزَنِيَّةِ الْمُخَصَّصَةِ لِأَبْناءِ السَّلاطينِ وَالْأُمَرَاءِ، وَالْقُصورِ الْعامَّةِ الَّتي تَضُمُّ أَجْنَاساً مُخْتَلِفَةً، ثُمَّ الْقَصَباتِ الَّتي غالباً ما تَسْكُنُها عَائِلَةٌ وَاحِدَةٌ.

 تَنْفَتِحُ الْمَنازِلُ دَاخِلَ الْقَصْرِ عَلى السَّمَاءِ، وَتَنْغَلِقُ تَمَاماً عَنِ الْخَارِجِ كَمَا تَتَكَوَّنُ فِي الْغَالِبِ مِنْ طَابَقَيْنِ إِلى ثَلاثَةٍ تُسْتَغَلَّ بِحَسَبَ فُصولِ السَّنَةِ. فَفِي الطَّابِقِ السُّفْلِيِّ تُوجَدُ سَاحَةٌ صَغِيرَةٌ مُتَّصِلَةٌ يباب الدارِ تُسَمّى «السَّقِيفَةَ». وَانْطِلاقاً مِنْها يَتِمُّ الْوُصولُ إِلى وَسَطِ الدَّارِ الَّذِي تَصِلُ إِلَيْهِ أَشِعَهُ الشَّمْسِ عَبْرَ فَتْحَةٍ فِي السَّقْفِ تُسَمّى عَيْنَ الدّارِ». أمّا الطَّابَقُ الْعُلْوِيُّ فَيُخَصَّصُ لِسَكَنِ الْأُسْرَةِ، وَتَتَوَزَّعُ عَلَى جَنَبَاتِهِ الْغُرَفُ. وَعَلى إِحْدى زواياهُ يُبْنَى الدَّرَجُ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى أَعْلَى طَابَقٍ في الْمَنْزِلِ، وَيُطْلَقُ عَلَيْهِ الْعَلَّالي». أَمَّا مَوادُّ بِناءِ الْمَساكِنِ فَكُلُّها مَحَلَّيَّةٌ، وَتَتَكَوَّنُ أَساساً مِنْ سَعَفِ وَجُذُوعِ النَّخِيلِ لِلتَّسْقِيفِ، وَالتُرابِ الْمَمْرُوحِ بِالتِّيْنِ لِبِناءِ الْجُدْرَانِ.

عبد العزيز بويحياوي التراث المعماري بالواحات المغربية مجلة الثقافة الشعبية عدد 42 سنة ..2018 ص 172/174 (بتصرف)