انتقادات متواصلة بخصوص قرار وِزَارَة الصحة المتعلق بإجبارية توفّر المُوَظَّفِينَ والمستخدمين عَلَى جواز التَّلْقِيح لِوُلُوجِ الإدارات والمؤسسات الخَاصَّة، الأمر الَّذِي اعتبرته قيادات نقابية “مسّاً” بالحقوق الدستورية وبمقتضيات مُدَّوَنة الشغل المؤطرة لحقوق الشغيلة. وتساءلت مصادر نقابية عَنْ الصيغة القانونية والدستورية الَّتِي سَيَتِمُ اعتمادها مِنْ طَرَفِ الحكومة لتبرير خطوة إلزامية التَّلْقِيح لِوُلُوجِ المرافق العمومية، وَكَذَا طبيعة الاعتبارات المهنية الَّتِي ستُساق لتبرير “منع” المستخدمين والأجراء من دخول أماكن العمل.
وَفِي هَذَا الصدد، طرح عبد الرحيم العلام، باحث فِي العلوم السياسية، مجموعة من التساؤلات المتعلقة بِهَذَا الإشكال، من قبيل: “هل سيُعتبر منع المُوَظَّفِينَ العموميين اللَّذِينَ ليس لَدَيْهِمْ اقتناع بِضَرُورَةِ التَّلْقِيح من ولوج إدارتهم تغيبا غير مبرر عَنْ العمل أم سيدخل ضمن الظروف القاهرة؟”.
وَتَسَاءَلَ العلام كذلك، ضمن منشور لَهُ عَلَى مواقع التواصل الاجتماعي، عَنْ تِلْكَ الاعتبارات القانونية والمهنية بالقول: “هل يجوز منع أحد المُوَظَّفِينَ العموميين من عمله لأنه لَا يحمل جوار التَّلْقِيح، ثُمَّ يتم طرده من عمله بِسَبَبِ لَا دخل لَهُ فِيهِ أَوْ بِسَبَبِ حرصه عَلَى صحته مثلا؟”.مخالفة للمقتضيات القانونية علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، قَالَ إن “رب العمل ليست لَهُ أي مبررات قانونية لطرد أَوْ توقيف العامل والمستخدم، مَا دمنا لَا نتوفر عَلَى مرسوم حكومي قَد يبني عَلَى أساسه رب العمل الحجج القانونية المرتبطة بمنع الأجير من ولوج مقر العمل”.
وَأَضَافَ لطفي، فِي تصريح لجريدة موقع متمدرس الإِِلِكْترُونِيَّة، أن “ذَلِكَ مخالفة صريحة لمدونة الشغل، سيلجأ إثرها الموظف والعامل إِلَى المفوض القضائي لإثبات الضرر”، ثُمَّ زاد: “الحكومة خلقت مشاكل واضحة لأرباب العمل والإدارات العمومية، دون إغفال الضرر الحاصل بِالنِسْبَةِ إِلَى المرتفقين”.
وَشَدَّدَ الفاعل النقابي ذاته عَلَى أن “الحكومة تُرِيدُ فرض ممارسات غير قانونية وغير ديمقراطية عَلَى المواطنين، بَيْنَمَا توجد بدائل قانونية لتحسيس المغاربة بأهمية التَّلْقِيح”، لافتاً إِلَى أَنَّ “الحكومات الغربية اعتمدت التدرج فِي تَطْبِيق القرار، بِمَا فِيهَا الفرنسية الَّتِي منحت المواطنين مهلة شهر لتلقيح أَنْفُسَهُمْ”.شطط فِي استعمال السلطة عبد الغني الراقي، قيادي فِي الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أورد أن “الصيغة القانونية والدستورية لتنزيل قرار إجبارية التَّلْقِيح مَا زَالَتْ مبهمة، وَالبِتَّالِي سيصطدم المستخدمون بأرباب العمل، والشأن نفسه ينطبق عَلَى علاقة المُوَظَّفِينَ بالإدارات”.
واستبعد الراقي، فِي حديث لموقع متمدرس، أن تصل الأمور إِلَى طرد المهنيين أَوْ التوقيف عَنْ العمل؛ “لكن ذَلِكَ يطرح إشكالات كبرى من الناحية الحقوقية لِأَنَّ الأمر يَتَعَلَّقُ بقناعة شخصية”، وفق تعبيره، موردا أَنَّهُ “كَانَ عَلَى الحكومة تحسيس الناس بِهَذَا الجواز فِي البداية قبل أن يتم تعميمه”.
واستدرك القيادي النقابي بالقول: “الصيغة المعتمدة غير مقبولة تماما فِي الأوساط الحقوقية، ونصطف وراء الحرية فِي تلقي اللقاحات المضادة لفيروس كورونا”، معتبراً أن “إلزامية التَّلْقِيح نوع من الشطط فِي استعمال السلطة مِنْ طَرَفِ الجهات المعنية”، ومؤكدا عدم تسجيل أي حالات منع للموظفين أَوْ المستخدمين من ولوج مقرات العمل إِلَى حدود صبيحة الخميس.