الإدارة التربوية والأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد أوجه الإختلاف والتباين

موقع التعليم

أعادت القرارات التصعيدية التي اتخذتها وزارة التعليم بحق األساتذة المنخرطين في نضاالت تنسيقية األساتذة الذين فرض عليهم التعاقد والتي كان لمديري المؤسسات التعليمية دورا أساسيا في تنزيلها، النظر في طبيعة مؤسسة اإلدارة التربوية وحقيقة أدوارها في المشهد التعليمي في البالد.

الجدير بالذكر أن هذا الموضوع ليس جديدا، فكل التعسفات التي فعلت ضد فئات واسعة من رجال ونساء التعليم غالبا ما كانت تمر من قناة رؤساء المؤسسات التعليمية، غير أن هذا لم يكن ليلفت األنظار لها في السابق، حيث أن ممارساتهم تلك كانت تستهدف فئات لم ينعقد إجماع الشغيلة التعليمية حول مساندتها مثلما هو حاصل اليوم مع فئة األساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، كما أن مستوى التعسفات لم يصل إلى درجة الخطورة الحالية والتي بلغت حد التلويح بالطرد من الوظيفة وقطع األرزاق.

ومع ذلك فقد انخرط جل رؤساء المؤسسات التعليمية في تفعيل مسطرة ترك الوظيفة العمومية رغم علمهم بحجم األذى الذي يتسببون فيه لهذه الفئة المناضلة، ورغم إدراكهم بأنهم يخرقون القانون ويتعسفون في تطبيقه باعتبارهم األساتذة المضربين أساتذة منقطعين عن عملهم، بل إن الكثيرين منهم تجاوزوا هذا المستوى بالضغط على األساتذة الذين فرض عليهم التعاقد وتهديدهم وترويج الشائعات المثبطة من أجل دفعهم إلى العودة لحجراتهم الدراسية، كذلك فعلوا مع زمالئهم المرسمين الذين حاولوا إجبارهم على تعويضهم، وقد استخدم بعضهم لتنفيذ هذه اإلمالءات السلطوية أساليب ال تليق بمن يشتغل في حقل التربية.

ال ننكر هنا أن هناك عددا من المديرين اتخذوا مواقف مشرفة في هذا الملف ورفضوا أن يرضخوا لكل التهديدات التي طالتهم، لكنهم يظلون أقلية تعاكس التيار فيما أن الغالبية كانت طيعة وسريعة االستجابة لتعليمات رؤسائهم، ولم تختلف إال في طريقة تمرير تلك االنتهاكات، فمنهم من مررها بنفس عدائي سافر ومنهم من تصنع التعاطف ظاهريا مع هذه الشريحة، لكنه فعل اإلجراءات في نهاية المطاف عمال بمبدأ قلوبنا معكم وسيوفنا عليكم لتكون عبارات التضامن الجوفاء مع مناضلي تنسيقية "المتعاقدين" بمثابة اعتذار مبطن وتكفيرعما سيلحقونه بهم. الحقيقة أن سلوك هيئة اإلدارة التربوية في هذا الملف غير مقبول إطالقا وأية محاولة لتبريره يسيء إليها أكثر مما يخدمها، حيث يظهرها بمظهر األداة المنفذة أو ذلك العبد المأمور الذي ال يملك من أمره شيئا سوى تنفيذ ما يطلب منه سيده، الشيء الذي ال يستقيم مع رسالتها التربوية التي يفترض أن المديرين أمناء عليها في المؤسسات التي يشرفون على تسييرها.

ال شيء يبرر شهادة الزور وأن تستخدم سلطة المدير لتكييف حالة المضربين وفقا لهوى الوزارة، وال منطق يسوغ مشاركته في االعتداء على مجموعة من المظلومين حتى لو كان مجرد أداة تنفيذية، ففي مثل هذه الحاالت يكون التمرد خيار األحرار الذين ال يقبلون أن يأكل الثوم بأفواههم. مشكلة اإلدارة التربوية أنها غير قادرة على تعريف نفسها، هل هي جزء من نسيج الشغيلة التعليمية تحمل همومها وتطلعاتها أم مجرد جهاز سلطوي مزروع في خاصرة رجال التعليم والذي ال يرتقي دوره عن دور أعوان السلطة ومخبريها. فال بد من الحسم وال يمكن لها أن تلعب على الوترين، فتقوم بترويج خطاب الحوار والتفاهم مع المدرسين لتسيير آمن للمؤسسات التعليمية حتى ولو على حساب مصلحتهم ومصلحة التالميذ، أو حين تتعرض إلجراءات عقابية من طرف مسؤوليها فتطلب دعم الشغيلة، ثم تقلب الطاولة عنهم في معاركهم النضالية فتصطف بشكل تلقائي مع السلطة بدعوى أنها تقوم بواجبها، لتصبح القرارات التي تمررها بمثابة سوط آخر ال يقل إيالما عن سوط الداخلية المسلط على أجساد األساتذة.

ان نتحامل هنا على رؤساء المؤسسات التعليمية وال نسهم في فرقة الجسد التعليمي، إنما نريد أن تعود األمور إلى نصابها وأن تحتفظ هيئة اإلدارة بأدوارها التربوية الصرفة بعيدا عن أي توظيف سلطوي بائس، لذلك فالمصارحة والمكاشفة أمر الزم للبناء وتصحيح المسار، وهذا يعني أن يستلم شرفاء هذه الهيئة زمام المبادرة ويستغلوا هذه الفرصة التاريخية التي لم يسبق لها أن توفرت ويستثمروا غضب الشغيلة التعليمية غير المسبوق لتسجيل مواقف علنية جريئة من أجل إخراج هيئتهم من موقعها الحالي، وإال فإنهم سيحرقون أنفسهم أمام رجال التعليم ونسائها ويسهمون في العزلة عنهم، مما سيكون له عواقب وخيمة على ممارستهم المهنية فيما بعد ال سيما أن من يستخدمهم اليوم هو الذي لم يكف يوما عن إهانتهم وعن ممارسة الشطط عليهم وهو من يضع سيف العزل على رقابهم بمبرر أو بدونه.

مواضيع ذات صلة
مقالات

أنشر الموضوع مع أصدقائك

التعليقات
0 التعليقات

Aucun commentaire: