أهمية جودة التعليم والمعرفة قي المنظومة التربوية


منذ عقود من الزمن، وبعد ظهور مصطلح "الجودة" بوصفه الأفضل والأحسن والأتقن، ظل هذا المصطلح مرتبطًا بالاقتصاد والتجارة في الحياة الذهنية للإنسان·

ومع التقدم التقاني الذي عاشته الدول الصناعية، استعادت الشركات والمصانع والمؤسسات ذات العلاقة بالتكنولوجيا الحديثة مفهوم "الجودة" لتتنافس من خلاله، وفيما بينها، لهذه التقنية أو تلك، وامتد الصراع والتنافس في هذه المجالات ليشمل الدول الصناعية المتقدمة فيما بينها· ودخل المفهوم مؤسسات التقييس والسيطرة النوعية، حيث وضعت الضوابط والمؤشرات التقويمية للمنتوجات عمومًا· وأصبح مفهوم الجودة رائجًا على لسان المديرين والناشطين ومسؤولي الدعاية في المصانع والشركات، حيث الإبداع والابتكار في تحديد أفضل المواصفات للمنتوجات والتي غالبًا ما تغري المستهلك لاقتنائهاوالاستمتاع بها, ارتبطت الجودة عبر الزمن بالأسعار، حيث يزيد سعر المنتوج كلما كانت النوعية أفضل·

 ومن هنا اقترنت الجودة في المعاملات التجارية والاقتصادية بمفهوم الاحترام والتقدير والإشادة، واستحقت الشركة التي تسوق منتوجًا ذا جودة عالية، ووفق المواصفات والقياسات التي تحددها مؤسسات التقييس والسيطرة النوعية في العالم، الجوائز والهدايا والشهادات التقديرية· أما بالنسبة للتعليم، فإن الإنسان يبحث منذ البداية لنفسه ولأهله وذويه عن الأفضل، أي أننا جميعًا نبحث عن الجودة في التعليم، رغبة وهدفًا في إشباع حاجاتنا الأساسية في المجالات المختلفة، لكن المشكلة في هذا الموضوع، هي أن الأمم والدول في معظمها تبنت مسألة التعليم.

 وصارت تبحث عن الوسائل والطرائق التي تحقق من خلالها أهدافها في توسيع الرقعة الجغرافية، التي يمكن أن يقدم فيها التعليم لمن يريد، بل وحتى لمن لا يريد أحيانًا في إطار "منهج التعليم الإلزامي للصغار والكبار"، ولأهمية التعليم في حياة الفرد، ولارتباطه برقي وتقدم المجتمعات، لأنه العدو الأوحد للجهل، أصبح التعليم مطلبًا جماهيريًا عند الشعوب، وورقة تتباهى بها الدول فيما بينها، حيث نسبة الأمية والتعليم في هذا البلد أو ذاك صارت مؤشرًا على مدى اهتمام قيادة الدولة بمواطنيها، وحرصها على تقدمهم ورقيهم، ومن ثم تقدم المجتمع وانتصاره على آفة الجهل المدمرة.

 لذلك ارتبط مفهوم التعليم في ذهن المواطن والمسؤول في الدولة، والحديث الآن عن الدول النامية، بالمجانية بوصفه حقًا مشروعًا وحاجة ملحة، ترغب فيها الدولة كما يرغب فيها المواطن، حتى صارت مجانية التعليم فقرة تتوافر في القوانين الأساسية للدول، والدساتير التي تصدرها حتى بعض الدول الأوروبية (الغربية) منها· ويبقى السؤال ملحًا في أذهان التربويين والمفكرين من أبناء هذه الدول ومن يهمهم أمر التعليم وكيفيته ونوعيته ومن ثم جودته ! هل ترافقت مجانية التعليم مع الجودة بالتعليم؟ والإجابة عن هذا السؤال تحتاج إلى الكثير من الدقة والمتابعة من جهة، وإلى الدراسات والبحوث الميدانية قي طبيعة العملية التعليمية من جهة أخرى· لكن المؤشرات الأولية فقط عن هذا الموضوع تقودنا إلى أن الوطن العربي عمومًا يشهد انتكاسة كبيرة في الجودة بالنسبة للتعليم على مختلف مراحله، ولأسباب متعددة، وعوامل شتى تتحكم قسرًا بالعملية التعليمية.

مواضيع ذات صلة
مقالات

أنشر الموضوع مع أصدقائك

التعليقات
0 التعليقات

Aucun commentaire: