الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم 2015- 2030: نموذج بيداغوجي وتكويني قوامه التنوع والانفتاح والملاءمة والابتكار


موقع التعليم
يقوم النموذج البيداغوجي والتكويني الذي يقترحه المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في رؤيته الاستراتيجية لإصلاح منظومة التربية والتكوين 2015- 2030، على مقومات التنوع والانفتاح والملاءمة والابتكار.

إذ لا يمكن لجودة التربية والتكوين أن تتحقق دون الإعمال الفعال والملائم للنموذج البيداغوجي، باعتباره جوهر عمل المدرسة بمختلف مكوناتها، وأساس اضطلاعها بوظائفها في التربية والتعليم والتكوين.

وانطلاقا من ذلك، يعتبر المجلس، أن تجديد النموذج البيداغوجي القائم يشكل رافعة حاسمة لتحقيق أهداف التغيير المنشود، على أساس تحقيق مجموعة من الإنجازات.

فعلى مستوى الهندسة والمقاربات البيداغوجية، يقترح المجلس اعتماد منهاج وطني مندمج، بمكونات جهوية، على مستوى شعب ومسالك وأقطاب الدراسة بأطوار التربية والتكوين، قائم على تفاعل وتكامل المواد والتخصصات، ووظيفية التقويم، ونجاعة التوجيه التربوي، والاستناد إلى أطر مرجعية ومعرفية في هندسة مختلف الأطوار بقطاعات التعليم المدرسي والعالي والعتيق والتكوين المهني، مع تدقيق وظائف هذه الأطوار، في مراعاة لخصوصية كل طور، وموقعه داخل المسار الدراسي للمتعلمين، ووظيفته في إنجاح التعلمات.

كما يوصي ببلورة أس مشترك لكل طور، يكون بمثابة إطار مرجعي للمعارف والمهارات والكفايات الأساسية، التي ينبغي اكتسابها من طرف المتعلمين عند نهاية كل سنة وكل مستوى وسلك دراسي أو تكويني، وكذا بتنويع المقاربات البيداغوجية وملاءمتها مع مختلف وضعيات التدريس والتعلم والتكوين، فضلا عن فتح العلاقة التربوية على حفز التفاعل الإيجابي للمتعلمين، وتشجيع المبادرة والابتكار، وارتكازها على الاجتهاد والاستقلالية البيداغوجية.

وعلى مستوى المناهج والبرامج، يقترح المجلس إعادة النظر في المناهج والبرامج والطرائق البيداغوجية، في اتجاه تخفيفها وتنويعها، وتوجيهها نحو البناء الفكري للمتعلم والمتعلمة، وتنمية مهارات الملاحظة والتحليل والاستدلال والتفكير النقدي لديهما، وتركيز المناهج على الاهتمام بالمتعلم باعتباره غاية للفعل التربوي، وتشجيعه على تنمية ثقافة الفضول الفكري وروح النقد والمبادرة والاجتهاد، والتفاعل معه كشريك، وذلك بإدماجه وتكليفه، في إطار العمل الجماعي، بمهام البحث والابتكار والمشاركة في التدبير، وتقوية ثقافة الانتماء للمؤسسة والواجب لديه.

في السياق ذاته، يقترح المجلس توفير بيئات للأشغال التطبيقية بالمؤسسات الابتدائية والثانوية، في إطار الربط المنتظم للمعرفة النظرية بالمعرفة التطبيقية والأعمال المختبرية، وتحضير التلاميذ ميدانيا في مجال التربية البيئية وأنشطة التفتح والابتكار، والانفتاح على المواد الدراسية التي تعنى بالتنمية الذاتية والتربية الريادية والحياتية، وتعزيز البعد الأخلاقي، وترسيخ القيم، فضلا عن تعزيز إدماج المقاربة الحقوقية، في صلب المناهج والبرامج، مع العمل على التجسيد الفعلي، ثقافة وسلوكا، للقيم المتقاسمة، والسلوك المدني، والممارسة الديمقراطية داخل البيئة المدرسية، وفي محيطها.

إلى جانب ذلك، تعتبر التربية الثقافية العامة أحد المحاور الأساسية للمناهج الدراسية الحديثة، وكفاية عرضانية استراتيجية، وترسيخ الثقافة الوطنية بمكوناتها المختلفة، وتعزيز حضورها داخل المقررات الدراسية، مع احترام المعايير البيداغوجية والعلمية في هذا الصدد. 

وعلى مستوى الآليات المؤسساتية، تبرز الوثيقة الملخصة لتقرير المجلس الأعلى أهمية إحداث وتفعيل اللجنة الدائمة للتجديد والملاءمة المستمرين للمناهج والبرامج التي نص عليها الميثاق في المادة 107، وتنظيمها وفق نص قانوني، وإرساء بنيات وطنية وجهوية للبحث والابتكار البيداغوجي في المناهج والبرامج والتكوينات، من أجل تطوير سياسة الابتكار والتجديد في هذا المجال (الأكاديميات، الجامعات، ولاسيما كلية علوم التربية، المدارس العليا والمراكز الجهوية لتكوين الأطر...).

كما تشير إلى ضرورة إعادة الاعتبار للمكتبات المدرسية، ورقية ووسائطية، وتوفير خزانات للموارد موجهة للمتعلمين والفاعلين في الحياة التربوية والثقافية، بحسب الفئات والمستويات العمرية، وتعزيز إدماج تكنولوجيا الإعلام والاتصال في النهوض بجودة التعلمات، وإعداد استراتيجية وطنية جديدة لمواكبة المستجدات الرقمية، وخاصة على مستوى المناهج والبرامج والتكوينات منذ المراحل الأولى من التعليم، بإدماج البرمجيات التربوية الإلكترونية، والوسائل التفاعلية، والحوامل الرقمية، في عمليات التدريس.

أما على مستوى الإيقاعات الزمنية للدراسة والتعلم، فتخلص وثيقة الرؤية الاستراتيجية إلى أهمية إعادة النظر في الإيقاعات الزمنية وتدبير الزمن الدراسي، والتخفيف من كثافة البرامج، وملاءمة الإيقاعات المدرسية مع محيط المدرسة في المناطق النائية وذات الوضعيات الخاصة والظروف الصعبة.

وعلى مستوى التقييم والامتحانات، تستعرض الرؤية الاستراتيجية ضرورة إصلاح شامل لنظام التقييم والامتحانات، على نحو يكفل تكافؤ الفرص بين المتعلمين والمتعلمات، مع العمل على تشجيع النبوغ والتفوق، بناء على معايير الاستحقاق، وتخصيص المناهج والبرامج لحيز يتناسب ومكانة التقييم وأهميته، بتوسيع إمكانيات توظيف التقييم التكويني والتقييم التشخيصي، والتركيز على الكفايات وتوظيف المعارف، بموازاة تحديد عتبة التعلمات اللازمة للانتقال إلى المستوى الأعلى، بدل اعتماد منطق الخريطة المدرسية.

وفي هذا الإطار، يتعين إرساء إطار وطني للإشهاد، كفيل بتنظيم وتصنيف الشهادات والدبلومات، وفق شبكة مرجعية، في إطار الشفافية والوضوح والمزيد من المصداقية والنجاعة، بما يتيح حركية سلسة لحملة الشهادات والدبلومات، وطنيا وعلى الصعيد الدولي،إلى جانب إحداث نظام للتصديق على كفايات التجربة المهنية لفائدة ذوي الخبرة المهنية، وإحداث امتحان خاص لولوج الدراسات العليا، لفائدة من لم يتمكن، لأسباب مختلفة، من الحصول على البكالوريا.

وعلى مستوى التوجيه التربوي والمهني، تدعو الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم 2015- 2030 إلى مراجعة شاملة لنظام التوجيه التربوي والمهني والجامعي، بتحديثه، وإعادة النظر في مفهومه وفي طرقه وأساليبه الحالية، وإرساء رؤية وطنية مؤطرة له، وتأهيل موارده، وتوفير العدة والشروط اللازمة للنهوض به، لتمكينه من الاضطلاع بأدواره الجديدة في الدعم البيداغوجي المستدام والاعتماد المبكر على التوجيه، لمصاحبة المتعلم في بلورة مشروعه الشخصي، منذ السلك الابتدائي، إلى غاية التعليم العالي، ومصاحبة النبوغ والتفوق، وتعزيز التربية على الاختيار، تأسيسا على استعدادات المتعلمين والمتعلمات، وميولهم وقدراتهم.

مواضيع ذات صلة
الرؤية الاستراتيجية

أنشر الموضوع مع أصدقائك

التعليقات
3 التعليقات

3 commentaires:

Anonyme a dit…

It is perfect time to make some plans for
the future and it is time to be happy. I’ve read this post
and if I could I want to suggest you some interesting things or suggestions.
Perhaps you can write next articles referring to this article.
I want to read more things about it! I am sure this piece of writing has touched all the internet viewers, its
really really good paragraph on building up new website.
I couldn’t resist commenting. Very well written! http://cspan.org

Anonyme a dit…

Ι'm extremely impressed wikth your writing skillѕ and
also wih thee layօut oon your blog. Is this a
pai themе or did you modify it үourself? Anyway kеeρ up tһe nice quality wrіting, it is
rare to see a nice blօg like thiѕ ⲟne these daуs.

Anonyme a dit…

I ԁ᧐ consider all of the ideas you've offered in your pⲟѕt.
Thеy're really convincing and wil definitely work.
Nonetheless, the posts are very quicқ for novices.
Could youu pleɑse lengthen them ɑ little from subsequent time?
Τhank you forr the post.